وبينما نمضي قدمًا، سوف يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر شبهاً بالإنسان، وذلك باستخدام الخوارزميات المتقدمة وتقنيات التعلم الآلي ومليارات الكلمات لتوليد ردود طبيعية ومفيدة. ولكن السؤال الرئيسي هنا هو أنه على الرغم من كل الإمكانيات التي توفرها هذه المساعدات الذكية، كيف يمكن أن تؤثر على خصوصيتنا وهويتنا وعلاقاتنا؟ وهذا ماسوف نتحدث عنهُ في هذا المقال الذي سنشرح فيه تأثير الذكاء الاصطناعي على القيم والهوية الإنسانية، متصورين المستقبل المحتمل للذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي وخدماته
في هذه الأيام، يركز مصطفى سليمان المؤسس المشارك لشركة DeepMind التابعة لجوجل والرئيس التنفيذي لشركة Inflection.ai، على تطوير شات بوت Pi والذي شهدنا مؤخرًا إطلاق نسخته لنظام أندرويد. ووفقا له، يمكن اعتبار chatbot Pi بمثابة "إدارة الموظفين" الذي يوفر العديد من المميزات والخصائص البشرية للعمل.
يقول سليمان عن قدرات باي الحالية: "على الرغم من أن برنامج الدردشة الآلي هذا غير قادر على تنفيذ بعض الأوامر مثل شراء الطعام او حجز طاولة مطعم، إلا أنه في المستقبل سيكون بمثابة ممثلك القانوني والتعاقدي؛ وهذا يعني أنه يلعب دوراً خاصاً في صرف الموارد المالية وعقد الاتفاقيات المتعلقة بها؛ يمكنه إجراء مكالمات هاتفية مع المدير والتفاوض مع مختلف الممثلين".
وهذا يدل على أن الذكاء الاصطناعي له دور مركزي ورئيسي في البرامج والمهام اليومية للإنسان وقد يتصرف بشكل يتجاوز المساعد الذكي في المستقبل. الان يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا في أداء العديد من الأنشطة العادية ومن خلال معالجة البيانات في الوقت الفعلي للعالم، فهو يجيب على أسئلة المستخدمين دون توقف على الرغم من أن بعض الأشياء مثل حجوزات الطيران ومواعيد عيادة زيارة الطبيب والتحكم في الموارد المالية لا تزال تدار من قبل البشر إلا أنهُ لن يمر وقت طويل قبل أن نرى وجود أدوات إنتاجية في هذه المجالات أيضًا.
ويبدو أن مصيرنا يشبه مصير كابتن الطائرة بمجرد تحديد المسار نبقى في قمرة القيادة ونسلم السيطرة إلى الذكاء الاصطناعي، ولكن نتولى السيطرة مرة أخرى إذا لزم الأمر. ومع ذلك فإن القلق الرئيسي هو أن الذكاء الاصطناعي نفسه هو الذي يحدد الوجهة ويختارها.
وفي المستقبل، سوف نقوم بتسليم السيطرة على العديد من أنشطتنا واختياراتنا اليومية إلى مساعد الذكاء الاصطناعي من قائمة التسوق إلى التخطيط للاجتماعات المختلفة. سيكون هذا المساعد على اتصال بالمساعدين الآخرين الذين يعمل معهم أفراد الأسرة والأصدقاء والمعارف. وبمرور الوقت سيصبح هؤلاء المساعدون أكثر استقلالية وفي النهاية سيكونون قادرين على اتخاذ قراراتهم الخاصة وقد لا تكون تلك القرارات جيدة جدًا.
ولهذا السبب، يعترف سليمان بأن التواصل بين روبوتات الدردشة (Al to AI) يجب أن يتم بطريقة لا نواجه فيها مشاكل في تحليلها. ويقول: "يجب أن يقتصر تواصل الذكاء الاصطناعي على مستوى بسيط. وفي هذه الحالة يمكننا مراقبة أداء روبوتات الدردشة وتواصلها مع بعضها البعض." ومن خلال مراقبة اتصالات روبوتات الدردشة من المتوقع أن تتم عملية تطويرها بوتيرة أبطأ وسنشهد إنشاء اتصال فعال بينهم.
مساعدين أذكياء الخيار المحتمل لسوء المعاملة
وبحسب الورقة البحثية التي أجراها جوناثان غريتش وناثانيال فاست أستاذا جامعة جنوب كاليفورنيا، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقود الناس إلى القيام بأشياء او سلوكيات لم يكونوا قادرين على القيام بها من قبل. ومن خلال إجراء الأبحاث توصل هذان الأستاذان إلى أن تطور هذه التكنولوجيا يعادل احتمال زيادة الأعمال الإجرامية والخاطئة وغير الأخلاقية بين مختلف أفراد المجتمع:
"هذه التكنولوجيا (الذكاء الاصطناعي) تجعل الناس أكثر قوة؛ والسؤال حاليًا هو: ماذا سيفعلون بهذه القوة؟" - جوناثان غريتش، أستاذ بجامعة جنوب كاليفورنيا
يقول غريتش أيضًا أن استخدام روبوتات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فقدان الاتصال البشري والتعاطف. ويشير إلى أن الروبوتات يمكنهم تجريد البشر من إنسانيتهم من خلال تقويض القيم الإنسانية وتعطيل تفاعلاتهم مع بعضهم البعض.
الجانب السلبي الآخر هو الانتهاكات المحتملة التي تتم في الأعمال التجارية او بيع المنتجات. على سبيل المثال، يمكنك بيع منتجك بسعر أعلى عن طريق التلاعب بالعواطف او الإشارات غير اللفظية مثل تعبيرات الوجه او نبرة الصوت من خلال الشات بوت.
إن حث الناس على شراء منتج أكثر تكلفة باستخدام مثل هذه الحيل يعد سيناريو خطيرًا حيث يمكن للذكاء الاصطناعي استغلال علم النفس البشري الذي يدرس العقل والسلوك وإقناع الناس بفعل أشياء قد لا يرغبون في القيام بها او لا تفيدهم.
يجب أن يكون البشر على دراية بتأثير المساعدين الأذكياء (روبوتات الذكاء الاصطناعي) على حياتهم وإيجاد طريقة لتحقيق التوازن بين مزاياها وعيوبها. يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي الإنتاجية أن تقوض استقلالية البشر وإبداعهم ومهاراتهم الاجتماعية في بعض المهام والتفاعلات المشتركة بين البشر.
لذا هل يستطيع البشر التكيف مع الدور المتغير لمساعدي الذكاء الاصطناعي؟ هل تستطيع البشرية أن تحافظ على إنسانيتها في مواجهة الآلات الذكية؟ كل هذه أسئلة تحتاج إلى إجابة.